بعد انتهاء الشهر الكريم وقدوم الأعياد يبدأ البعض في البحث عن اصلاح ما افسدته ولائم رمضان الدسمة والحلويات طوال الشهر خاصة زيادة الوزن وزيادة نسبة الدهون والكوليسترول في الدم ويظل الثوم من أشهر النباتات الطبيعية والمشهورة لعلاج زيادة الكوليسترول ومنع تجلط الدم وزيادة سيولته كما ان الثوم مضاد قوي للأكسدة وينقي الجسم من السموم ويجدد نشاط الخلايا كما ان الثوم به مواد مضادة للبكتيريا والفطريات تطهر الحلق وتحمي من الأمراض الميكروبية ونظرا لكل هذه القدرات للثوم يبدأ هذه الأيام التوصية بتناول الثوم بصورة يومية ومنتظمة للتخلص من الكوليسترول وتنظيم سيولة الدم والحماية من تصلب الشرايين ولكن معظم التوصيات تكون خاطئة في طريقة التناول مما يفقد الثوم أهم فوائده ويجرده من أهم أسلحته والمقالة هنا لتعظيم الاستفادة من الثوم على أساس علمي صحيح
الثوم يحتوي على مادة اسمها ألين alliin ولكن هذه المادة غير فعالة وليس لها فوائد طبية، ولكن بمجرد فرم أو بشر الثوم تتحول الى مادة قوية وفعالة اسمها أليسين allicin بفعل انزيم موجود داخل الثوم يطلق عليه ألينازalliinase
وهذا يعني لكي يكون الثوم فعالا لابد من توافر ثلاثة عناصر في المعادلة:
ألين: وهي مادة كبريتية موجودة في الثوم الصحيح الغير مهروس، ولكن غير فعالة وليس لها فوائد طبية
أليسين: وهي مادة كبريتية طيارة تنتج فقط بعد فرم او بشر او تقطيع فص الثوم الى شرائح وهي المادة الفعالة وصاحبة الفضل لكل تأثيرات الثوم الطبية وفوائده السابق ذكرها وهي المادة المسئولة عن الرائحة المميزة للثوم ولكن هذه المادة ثباتها ضعيف وتتطاير مع التخزين وتتأثر بالحرارة
أليناز: وهو الأنزيم الموجود في الثوم والذي يقوم بتحويل الألين غير الفعال الى مادة الأليسين الفعالة وينشط فقط أثناء فرم او تقطيع الثوم وهذا الأنزيم لا يعمل في وجود وسط حامضي ويتأثر أيضا بالحرارة
وبناءاً على المعطيات السابقة للاستفادة القصوى من الثوم الخام ينصح بتناوله بأي من الطرق التالية:
هرس او فرم فص الثوم وتناول الفص المفروم او المهروس خلال ربع ساعة بالكثير بعد فرمه وحده ولو طعمه غير مستساغ يمكن أخذه مع ملعقة عسل ولو كنت تخشى من رائحته القوية في الفم ممكن هرسه مع البقدونس والنعناع الأخضر او فرده على شريحة توست بدون تسخين ويرش عليه مسحوق الزعتر او حبة البركة او الشمر
طرق خاطئة شائعه تفقد الثوم خواصه:
الثوم المهروس والمخزن في الفريزر يفقد جزء كبير من فوائده لأن الأليسين كما ذكرنا متطاير وثباته ضعيف فيفضل تناوله بعد هرسه مباشرة
أخذ فص الثوم صحيحا بدون هرس خوفا من الرائحة ليس له فوائد طبية لأن بدون هرس لا يتحول الى الأليسين المفيد والبعض يعول على هرسه في المعدة، ولكن كما ذكرنا الأنزيم يفقد قدرته في وجود وسط حامضي فيصبح مشلولا في وجود حامض المعدة ولا يستطيع الانزيم تحويل الألين الى أليسين حتى لو هرسته المعدة
الطبخ بالثوم يفقد الثوم كل فوائده رغم هرسه لأنه يتعرض لدرجات حرارة عالية تقضي تماما على المادة الفعالة المتطايرة فكما ذكرنا أنها تتأثر بالحرارة وثباتها ضعيف
شرائح التوست بالجبنة المنصهرة والثوم ليس له أي فوائد لأن تسخين الجبنة يعرض الثوم المهروس لدرجات حرارة تفقده كل فوائده ولذلك كما ذكرنا يمكن فرد الثوم المهروس حديثا على شرائح التوست والزعتر، ولكن بدون تسخين
الثوم المسحوق او البودرة إذا تم تجفيفه في درجات حرارة عالية يفقد الثوم الكثير من فوائده ولذلك يفضل استخدام الثوم الطازج والمهروس حديثا
حتى المكملات الغذائية او الكبسولات التي تحتوي على الثوم الخام لابد من وضعها في كبسولات مخصوصة لا تفتح في المعدة، ولكن تفتح في القولون يطلق عليها Enteric coated capsules لحماية الثوم من حامض المعدة الذي يوقف عمل انزيم الأليناز
ولا ننسى أن تناول الثوم بانتظام ولفترات طويلة له بالفعل فوائد كثيرة، ولكنه يزيد من سيولة الدم وقد يتفاعل مع أدوية السيولة ولابد من إيقاف تناول الثوم المنتظم قبل أي عملية جراحية او خلع الأسنان بأسبوعين على الأقل حتى لا يتعرض الشخص لنزيف أثناء العملية او خلع الأسنان
سبحانه الخالق خلق الداء وانعم علينا بالدواء وبالعلم لنحقق الاستفادة القصوى من نعم الخالق التي لا تحصى وكل عام وحضراتكم بكل خير